ألقى فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كلمة مؤثرة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي بعنوان "الإسلام دين السلام والخير"، حيث شكر جمهورية أوزبكستان على استضافتها الكريمة للمؤتمر وأشاد بالتنظيم المميز.

واستهل كلمته بتحية الإسلام قائلاً: "أحييكم بتحية الإسلام، هو السلام الذي عنوان مؤتمرنا هذا، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته".

الوضع الإنساني في غزة ولبنان

وتحدث القره داغي بعمق عن الوضع الحالي في العالم الإسلامي، خاصة في غزة ولبنان، حيث أكد أن غزة تحترق وتباد من خلال حرب عنصرية ونازية لم يشهد التأريخ مثلها، وأضيف إليها لبنان، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال الصهيوني تجاوزت كل الحدود الأخلاقية والإنسانية والقانونية.

ولفت إلى أن العالم بات بلا نظام عالمي فعّال قادر على حماية المستضعفين وحفظ السلام، منتقدًا بشكل خاص الدعم العسكري المتواصل الذي تقدمه بعض الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لدولة الاحتلال.

إصلاح النظام الدولي ضرورة

وفي واحدة من النقاط الرئيسية التي تناولها، شدد القره داغي على ضرورة إصلاح النظام الدولي الحالي الذي فشل في تحقيق العدالة والسلام.

وقال: "أصبح العالم بلا نظام عالمي فعّال قادر على حماية السلام العالمي وحماية المستضعفين، وعليه فإن السعي لنظام عالمي عادل فعّال قادر على حماية السلام للجميع غدا ضرورياً ومن واجب الوقت".

وأضاف: "أقترح على جميع دولنا الإسلامية، والأفريقية، ودول الشرق كروسيا والصين، ودول أمريكا الجنوبية، السعي لإنشاء منظمة دولية بديلة عن الأمم المتحدة التي فشلت كما فشلت قبلها عصبة الأمم التي أنشأت عام 1919م".

فشل المنظمات الدولية في السلام

وتناول القره داغي في كلمته أسباب فشل المنظمات الدولية مثل عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة في تحقيق السلام، مشيرًا إلى أنها لم تُبنَ على أسس العدل المطلق والمساواة، بل تم تأسيسها لمصلحة الدول القوية المنتصرة".

وأضاف: "إن منح حق النقض (الفيتو) لدول معينة في الأمم المتحدة يعني أن 192 دولة قد تتفق على شيء، ولكن دولة واحدة يمكن أن تعترض وتنقضه".

وأوضح أن هذا الهيكل غير العادل هو أحد أسباب الفشل المستمر في إحلال السلام العالمي.

ودعا القره داغي إلى مراجعة القوانين والمبادئ التي تحكم العالم، مشيراً إلى أن المبادئ والقوانين الغربية قامت كلها على أساس المصالح والميكافيلية، ولذلك لا تصمد أمام إرادة الدول القوية.

وأضاف: "نحن اليوم حقاً أمام انهيار المنظومة الأخلاقية، والقانونية، والإنسانية في النظام العالمي".

دور الإسلام في تحقيق السلام

وفي سياق حديثه عن دور الإسلام في تحقيق السلام العالمي، قدم القره داغي بحثًا شاملاً عن الأسس الفكرية والعملية للسلام في الإسلام، موضحاً أن الإسلام يقوم على العدل، المساواة، والرحمة"، وهي القيم التي يجب أن يتبناها العالم لتحقيق السلام.

وأشار إلى أن الآيات القرآنية تؤكد على أهمية السلام، مستشهداً بالآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).

وأكد أن الإسلام يفرض على المسلمين جميعًا السعي لتحقيق السلم بينهم وبين الآخرين.

كما تناول القره داغي مفهوم الوحدة الإسلامية باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والقوة للأمة الإسلامية، ودعا إلى ضرورة العمل على "توحيد الكلمة والمواقف" بين المسلمين، مشيرًا إلى أن الأمة الفاشلة لن تستطيع أن تحقق الخير المطلوب.

واستشهد بقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

وفي ختام كلمته، أشار القره داغي إلى الدروس المستفادة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الآخرين، مؤكدًا أن هذه السيرة تقدم نموذجًا عمليًا يمكن الاستفادة منه اليوم لتحقيق التفاهم بين الشعوب. كما أشار إلى التجربة الناجحة لصلاح الدين الأيوبي الذي "استطاع من خلال توحيد المسلمين أن يحقق التحرير والنصر".

مؤتمر عالمي للسلام

المؤتمر شهد مشاركة واسعة من علماء ومفكرين وباحثين من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، مصر، تركيا، الأردن، عمان، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وغيرها من الدول حيث تمت مناقشة سبل تحقيق السلام العادل والدائم وفقًا لمبادئ الإسلام، وطرح حلول للتحديات التي تواجه العالم الإسلامي اليوم. (İLKHA)